جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية

وزارة الداخلية
جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية

اساسيات علاج الإدمان

 

إعداد الدكتور/ عبد الحكيم قنيوه

استشاري في مجال التوعية والإرشاد الاجتماعي من مخاطر المخدرات

 

يتطلب علاج الإدمان الرغبة الصداقة من جانب المدمن نظرا ً لدخوله في مراحل كفاح صعبة وشديدة وصراعات قاسية وأليمة بين احتياجاته الشديدة للمخدر وبين عزمه الأكيد على عدم التعاطي والاستعداد لقبول المساعدة من الفريق المعالج وبالذات الإخصائي النفسي , حيث نقسم العلاج إلى قسمين أساسين هما :

1 – (العلاج الطبيعي والعلاج المتكامل) :

أولا ً العلاج الطبيعي :

الخطوة الأولى في طريق العلاج هي خطوة ذات طبيعة إسعافية تمهيدية للدخول في مرحلة العلاج المتكامل وهي تنقسم إلى ثلاث مراحل وهي :

1.الإجراءات ذات طبيعة إسعافية :

وهي إجراءات تتخذ في مواجهة بعض الحالات التي قد تتعرض لما يسمى بحالات التسمم المرضية الحادة , فقد تنتاب الشخص نوبة عنف واضح فيهاجم بعض الأشخاص القريبين منه أو يحاول إتلاف بعض الأثاث أو الممتلكات المادية , وذلك على أثر تعاطي جرعة من الكحوليات أو المتبطات أو من المهلوسات وتحدث هذه النوبات للإفراط في الجرعة أو لحداثة عهد المتعاطي بالتعاطي أو لمروره حديثا ً بأزمة وجدانية شديدة الوطأة , وفي هذه الحالة لابد أن يتناوله برعاية طاقم طبي مدرب يقوم بطمأنينته وفي الوقت نفسه بالحيلولة بينه وبين أن يؤذي نفسه أو الغير وربما اضطر أن يستخدم لهذا الغرض بعض التدخل الدوائي , كذلك قد تتعرض بعض الحالات بشكل مفاجئ أيضا ً لما يسمى بأعراض الذهان العصبي فتظهر لدى الشخص بعض أنواع الخداع الحسي , كما قد تظهر بعض الهلاوس والضلالات , وفي هذه الحالات قد يحتاج الطبيب إلى محدود من التدخل الدوائي .

2.إجراءات تطهير البدن :

ويطلق عليها أحيانا ً سحب المخدر وهي إجراءات تتوقف من ناحية على نوع المخدر , ومن ناحية أخرى على المعالج في تطبيقها فقد تتخذ الخطة شكل سحب المخدر سحبا ً بطيئا ًً متدرجا ً , وفي هذه الحالة لايحتاج المعالج المشرف على العملية إلى تدخل دوائي ويكتفي بإرشاد المتعاطي خطوة بخطوة مع طمأنينته وتشجيعه .

وتتراوح المدة التي تنتهي منها من أربعة أيام حتى سبعة أيام في حالة المواد ذات الفاعلية قصيرة المدى ” كالهيروين ” , 10 أيام في حالة المواد ذات الفاعلية طويلة المدى ” كالأفيون ” فقد تطول من عشرة أيام إلى ستة أسابيع .

3.إجراءات علاج المضاعفات الطبية للتعاطي :

وهي مجموعة الإجراءات الطبية التي لابد من القيام بها في مواجهة بعض المضاعفات الصحية التي يعاني منها كثير من المدمنين دون أن تكون من الآثار المترتبة مباشرة على تعاطي هذه المادة أو من تلك المواد الإدمانية , كسوء التغذية فانتشار سوء التغذية بين المدمنين ظاهرة ملحوظة لأسباب متعددة أوضحها ” أن بعض المدمنين يصل بهم الأمر أحيانا ً إلى ضرورة المفاضلة بين انفاق المبالغ المحدودة التي في حوزته على المخدر أو على الطعام والغالبية أن ترجح كفة المخدر وهناك مضاعفات مرتبطة بطرق التعاطي كأن يكون التعاطي عن طريق التدخين فلهذه الطرق جميعا ً مضاعفاتها الطبية التي كثيرا ً ماتواجه الطبيب المعالج وعليه أن يعني بإبراء مريضه منها إلى جانب الإجراءات الإسعافية وإجراءات تطهير البدن .

ثانيـا ً العلاج المتكامل :

يتألف العلاج المتكامل من ثلاث مكونات أساسية أحدهما ” طبي ” والأخر ” نفسي ” والثالث ” اجتماعي ” .

1.المكون الطبي :

يقوم المكون الطبي على مبدأين رئيسين هما :

الطريق الأول ..

وهو طريق الفطام التدريجي فإنه ينتقي للقيام بهذه المهمة مخدرا ً أضعف بكثير من المخدر الذي أدمنته الحالة , ولكن من الفصيلة نفسها ويتولى الإشراف على إعطاؤه للحالة بدلا ً من المخدر الأصلي بجرعات وعلى فترات محددة وعلى أن يتم تخفيض الجرعة وإطالة الفترات بين الجرعات تدريجيا ً حتى ينتهي الأمر غالبا ً إلى فطام كامل للحالة , والشائع بين الأطباء في كثير من دول العالم أنهم يختارون عقار (الميثادون) لأداء مهمة الفطام التدريجي بالنسبة لمدمني (الأفيون ومشتقاته) بما في ذلك (الهيروين) وذلك على أساس أن (الميثادون) نفسه هو أحد مشتقات (الأفيون) ولكن قوته على إحداث الإدمان أضعف بكثير من (الهيروين والمورفين والأفيون) .

الطريق الثاني ..

طريق سد القنوات العصبية , فإن ينتقي لذلك عقار مثل عقار (النالتركسون) يتولى الإشراف على إعطائه للحالة بجرعات محددة وعلى فترات محددة ويتلخص تأثير (النالتركسون) في سد المستقبلات العصبية المعدة أساسا ً في مخ المدمن لإستقبال (الأفيون أو مشتقاته) ثم توزيع أثارها العصبية السلوكية في جسم المدمن , ومعنى ذلك أن المدمن الذي يتناول النالتركسون لن يتأثر بالأفيون أو أي من مشتقاته إذا تعاطاه مادام تأثير النالتركسون قائما ً ويستمر الطبيب في إعطاء هذا العقار حسب نظام محدد ولفترة محدودة حتى ينتهي الأمر دون حاجة إلى وجود الأفيون أو مشتقاته ويصحب ذلك انتهاء اللهفة إلى المخدر .

2.المكون النفسي :

توجد أساليب متعددة للعلاج النفسي لحالات الإدمان على اختلاف أنواعها ومن أشهر العلاجات النفسية الحديثة في الميدان مايعرف بمجموعة العلاجات السلوكية للإدمان , وهذا العلاج النفسي يستلزم درجة عالية من التعاون بين المدمن والمعالج مع قدر من الإجراءات العلاجية المعقدة ومواظبة ومثابرة على تلقي هذا الإجراء لفترة زمنية تصل إلى عدة شهور تتبعها فترة أخرى وبها المتابعة قد تمتد بضع سنوات بهدف التقويم الدوري والتدخل من حين لأخر للصياغة والانعكاسات المحتملة .

ومن طرق العلاج السلوكي المشهورة في هذا الصدد طريقة ” بودن ” ويستغرق اجتياز هذا العلاج بضعة شهور , ويمكن تطبيقه على مدمنين محتجزين داخل المصحات , كما يمكن تطبيقه على أساس نظام العيادة الخارجية وهو مايشهد بمرونته ومن ثم يعظم من فائدته .

3.إعادة التأهيل (الرعاية اللاحقة) وتنقسم إلى قسمين :

أ-  إعادة التأهيل :

وفي مجال علاج التعاطي والإدمان يستخدم مصطلح ” إعادة التأهيل ” ليضم مايوصف بأنه إعادة التأهيل المهني والإجتماعي وأحيانا ً يقتصر في استخدامه على الإشارة إلى مجال محدود هو إعادة التأهيل المهني , وفي هذه الحالة يترك المجال الإجتماعي ليندرج تحت مصطلح خاص به هو (إعادة الاستيعاب الاجتماعي)

إعادة التأهيل المهني المقصود هنا هو العودة بالمدمن الناقه ” مرحلة النقاهة من إدمانه ” إلى مستوى مقبول في الأداء المهني سواء كان ذلك في أطار مهنته التي يمتهنها قبل الإدمان أو في أطار مهني جديد , وتتضمن إجراءات ” إعادة التأهيل ” في هذا الصدد ثلاث عناصر هي:

1)الإرشاد المهني .

2)قياس الاستعدادات المهنية .

3)التوجيه المهني والتدريب .

ويشير مصطلح الإرشاد إلى مجموعة من الإجراءات تمتد لتحمل المشورة والمعلومة وتزويد المسترشد بأسلوب لفهم المشكلات التي تواجهه والتغلب عليها بالحلول المناسبة , ويدور هذا في مجال العمل ومشكلاته , ثم يأتي الدور بعد ذلك على قياس الاستعدادات المهنية أي درجة احتمال نجاح الفرد في مجال بعينه من مجالات النشاط الاقتصادي كالتجارة أو الصناعة أو الأعمال المكتسبة , ثم يوجه المدمن الناقه بعد ذلك إلى قياس استعداداته المهنية وذلك للاسترشاد بنتائج هذا القياس في اختبار أنسب الأعمال لهذه الاستعدادات ومن هنا تبدأ خطوات التوجيه المهني ويقع تحت مفهوم التوجيه المهني مجموع الإجراءات التي تتخذ استغلالا ً للمعلومات التي تجمعت لدى المدمن الناقه من خلال الإرشاد ومن خلال قياس استعداداته المهنية , فيجري توجيهه إلى الألتحاق بالمهنة التي تتناسب وهذه المعلومات , ولكي يكتمل التوجيه يحتاج الأمر إلى أن يكون لدى القائمين على توجيه مجموعتين إضافيتين من المعلومات أحداهما تتعلق بالمهن الشاغرة في سوق العمل والثانية تتعلق بما يسمى بروفيل المهارات اللازمة للأشتغال الكفء بهذه المهنة ويعتمد توافر هذا البروفيل على مايسمى بتحليل العمل .

ب –   إعادة الاستيعاب الجماعي :

إعادة الاستيعاب الجماعي هو الخطوة الأخيرة والمكملة لإجراءات الرعاية اللاحقة التي تتناول المدمن الناقه ويشترط بالضرورة أن تأتي زمنيا ً بعد خطوة إعادة التأهيل المهني بل يمكن تصور أن تتزامن الخطوتان ولكن المهم أنه لايجوز تجاهلها في نسبة كبيرة من الحالات وخاصة تلك التي تمكن منها الإدمان إلى درجة الاقتران بأشكال ودرجات خطيرة من التدهور الإجتماعي .