جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية

وزارة الداخلية
جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية

قراءات في كتاب ((المعايير الدولية لعلاج اضطرابات تعاطي المخدرات))

 الصادر عن منظمة الصحة العالمية WHO والمكتب المعني بالمخدرات والجريمة UNDOC

    الجزء الاول

د. صلاح الدين المرغني الجرنازي

استهلال:- تشير التقديرات إلى أن هناك 250 مليون شخص، أو واحد من بين عشرين شخص تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 64 يتعاطون المخدرات غير المشروعة في عام 2014 )التقرير العالمي عن المخدرات 2016 (. ويعاني الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات غير المشروعة وهم حوالي واحد من بين كل عشرة أشخاص من شكل من أشكال اضطرابات تعاطي المخدرات بما فيها إدمان المخدرات. وحوالي نصف مدمنى المخدرات يتعاطونها بالحقن، وأكثر من عشرة بالمائة منهم مصابون بمرض نقص المناعة البشرية، والقسم الأعظم يعاني من الفيروس الكبدي سي وعلى المستوي المحلي فقد وصلت 94% من مدمني الهيروين .

و تشكل اضطرابات تعاطى المخدرات مشكلة صحية محلية وعالمية كبرى، تمثل اضطرابات تعاطى المخدرات قضية صحية خطيرة، مع ما تمثله من عبء كبير للأفراد المصابين وعائلاته، وهناك تكاليف باهظة يدفعها المجتمع منها، الانتاجية المهدرة، والتحديات الأمنية، والجريمة، وتكاليف الرعاية الصحية المتزايدة، ومجموعة كبيرة من التبعات الاجتماعية السلبية.

وتقدر التكلفة الاجتماعية لتعاطى المخدرات غير المشروع حتى 1.7 % من الناتج المحلى الإجمالى فى بعض البلدان (التقرير العالمى للمخدرات 2016)، وتمثل رعاية الأفراد المصابون باضطرابات تعاطى المخدرات عبء ثقيلًا على أنظمة الصحة العامة للدول الأعضاء ومن ثم تحسن أنظمة العلاج لجعلها على أفضل ما يمكن. وهذا من شأنه أن يعود بالنفع ليس فقط على الأفراد المصابين وإنما على مجتمعاتهم والمجتمع بأسره.

وبعد سنوات من الأبحاث الطبية، اتضح أن إدمان المخدرات اضطراب سلوكى وبيولوجى معقد ذو عوامل متعددة، قد اتاحت التطورات العلمية إمكانية تطوير العلاجات التى تساعد على عمل وظائف المخ بطريقة طبيعية للأفراد المصابين ومعاونتهم على تغيير سلوكياتهم. ويساعد توفير العلاج القائم عل الدليل العلمى ملايين من الأشخاص المصابين على إعادة التحكم فى حياتهم، ولسوء الحظ، فإن الأفكار البالية بشأن اضطرابات تعاطى المخدرات لا تزال مستمرة فى العديد من أجزاء العالم.

لقد أدى الوصم والتمييز ضد الأفراد المدمنين والمهنيين الذين يعملون معهم إلى التأثير سلبًا على تنفيذ التدخلات العلاجية جيدة النوعية فى هذه المناطق، مما قوض من تطوير المرافق العلاجية، وتدريب الأخصائيين الصحيين، والاستثمار فى برامج التعافى .

وبالرغم من أن الأدلة توضح أن اضطرابات تعاطى المخدرات تعالج على أفضل نحو داخل نظام الصحة العامة، مثلها مثل المشاكل الطبية الأخرى كمرض نقص المناعة المكتسبة، أو الضغط العالى، إلا إن إدراج علاج الإدمان فى نظام الرعاية الصحية، لا يزال شديد التعقيد فى العديد من البلدان حيث هناك هوة عميقة بين العلم والسياسة، والممارسات الطبية  ولاتزال وزارة الصحة لدينا لم تضع اي برنامج لعلاج الدمنين باي صورة من الصور كما انها لا تضع هذا الوباء في اولياتها والسؤال الي متى يستمر هذا التجهال.

ولا يزال ينظر الكثيرون إلى اضطرابات تعاطى المخدرات فى بعض البلدان على أنها إحدى جرائم العدالة الجنائية من الدرجة الأولى، ولا تزال أجهزة وزارات الداخلية، والعدل، والدفاع مسئولة عن الأفراد المصابين، دون إشراف أو إشراك من وزارة الصحة ، وهذا ينطبق على بلادنا مزال القانون رقم 7 لسنة 90 وتعديلاته ساري المفعول والذي يضع المتعاطي في خانة الجريمة.

إن استخدام استراتيجيات وأساليب إنفاذ القانون وحدها من غير المرجح أن يسفر عنها تأثيرات إيجابية مستمرة، ولا يؤدى إلى تحسين فرص التعافى من الاضطراب وتقليل تبعات )المخدرات( المرتبطة، إلا العلاج الذى يستند فى جوهره إلى النظر إلى إدمان المخدرات على أنه اضطراب سلوكى بيولوجى متعدد العوامل فى المقام الأول، ويمكن علاجه باستخدام المناهج الطبية والاجتماعية والنفسية .

وفى الوقت الراهن، أوضح مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات فى التقرير العالمي للمخدرات أنه على المستوى العالمي، فإن واحد من بين ستة أشخاص ممن يحتاجون لعلاج إدمان المخدرات بمقدروهم الاستفادة من برامج العلاج؛ واحد من بين 11 شخص فى أمريكا اللاتينية، وواحد من بين 18 شخص فى إفريقيا والعلاج فى العديد من الدول لا يتاح إلا فى المدن الكبيرة وليس المناطق الريفية. ولسوء الحظ، فإن العلاج المتاح فى العديد من الأماكن غير فعال فى العادة، المعايير الدولية لعلاج اضطرابات تعاطى المخدرات الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة ومنظمة الصحة العالمية ولا تدعمه الأدلة العلمية، وفى بعض الأحيان، لا يتماشى مع مبادىْ حقوق الإنسان. وهذا هو الحال في الدول المتقدمة النمو حيث إتاحة برامج العلاج القائمة على الأدلة غير كافية فى أغلب الأحوال.

اما فيما يخص المستوى الوطني فالصورة شديدة القاتمة للأسف الشديد فكل المدمني في الوقت الرهن لا يوجد مكان لرعايتهم وتقديم ابسط برامج العلاج والمشورة والدعم ، إن علاج الادمان اصبح ضرورة ملحة لحمية المجتمع من شرور المخدرات ، ولا يمكن لبرامج ارتجالية غير مبنيه على دلائل علمية ان نضمن لها النجاح ، ويجب الاسراع في تنفيذ برامج العلاج من خلال بناء القدرات الوطنية والاطلاع على تجارب الدول المتقدمة وتوفير الامكانيات المادية واعدد برتوكالات اكلينيكية لعلاج الادمان المبنية على اسس علمة.